نشر في جريدة الواقع في 01/02/2013
وربما هي المرة الأولى التي يخرج فيها وزير الدفاع
الفريق أول عبد الفتاح السيسي عن
صمته منذ عينه الرئيس مرسي في العام الماضي وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة ، وبعد عدة أيام من إندلاع
أعمال العنف التي شهدتها محافظات مصر
المختلفة في الذكري الثانية لثورة (25) يناير والتي أدت الى مقتل مايجاوز (50) شخص وإصابة المئات في صدام
مباشر بين المتظاهرين وقوات الأمن كان
أبرزها ماحدث في مدن القناة الثلاثة ، والذي نتج عنه إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول بها ونزول قوات الجيش
الى شوارع المدن الثلاثة لتنفيذ الحظر .
فوفقا لتصريحاته المنشورة بالصفحة الرسمية للمتحدث
العسكري بإسم القوات المسلحة في
لقاءه مع طلبة الكلية الحربية قبل عدة أيام ، فقد أرسل وزير الدفاع عدة رسائل في غاية الأهمية والخطورة ، أهميتها
لأنها صادرة من وزير دفاع مصر ، وخطورتها
لأنها ليست فقط موجهة الى القوى والتيارات السياسية وإنما الى الحكومة والشعب أيضا وإن لم يذكرها صراحة .
حيث أكد على أن الجيش المصري سيظل هو الكتلة
الصلبة المتماسكة والعمود القوي الذي
ترتكز عليه أركان الدولة وهو جيش كل المصريين بجميع طوائفهم وإنتماءاتهم ، كما يؤكد على إلتزام الجيش
بالثوابت الوطنية ، وهو ما يعني أن
الجيش لن يدفع به بأي شكل الى قتل المصريين ، بالإضافة الى عدم تأثره بالإضطرابات السياسية الحادثة حاليا .
لتأتي رسالته الأكثر خطورة والتي يحذر فيها من أن
التحديات والاشكاليات السياسية والاقتصادية
والأمنية التي تواجه مصر حاليا تمثل تهديدا حقيقيا لأمن مصر وأن إستمرار صراع مختلف القوى السياسية
وإختلافها حول إدارة شؤون البلاد قد يؤدي الى إنهيار الدولة إن إستمر هذا المشهد دون معالجة
من كافة الأطراف .
عندما
تصدر هذه الرسائل من وزير دفاع مصر بهذه الصيغة التحذيرية ، فإنها تعني أن الوضع في مصر بالفعل
خطير ، وأن الحراك السياسي الحاصل في
جوهره لعب بالنار لأنه صراع على السلطة وليس ممارسة
للديمقراطية التي لم تكن ممارستها الصحيحة في يوم من الأيام تشكل خطرا على كيان الدولة ،
كما أن هذا
الصراع قد أخذ أشكالا تتعارض تماما مع أساليب الديمقراطية ، كان أبرزها قيام بعض التيارات بتشكيل
ميليشيات بدعوى الدفاع عن الثورة وأخرى
بدعوى حماية الرئيس ، وكلها مبررات واهية تسعى تلك
التيارات من خلالها الى فرض نفسها على الساحة السياسية والهيمنة على مفاصل الدولة حتى وإن تم
ذلك على
جثث كل المصريين .
كما يفهم من رسائل وزير الدفاع وجود حالة من عدم
الرضى داخل القوات المسلحة عن الحالة
التي وصلت اليها مصر أو على الأقل الشعور بالقلق مما هو حاصل ، وهو ماقد يثير مخاوف البعض من هذه التصريحات
وأنها قد تعني عودة الجيش من جديد
الى المشهد السياسي مرة أخرى في حالة تفاقم الأوضاع وعجز الحكومة عن السيطرة على الموقف وإيجاد مخرج سريع للأزمة
العاصفة التي تجتاح مصر حاليا ، خاصة
بعد موافقة مجلس الشورى على التعديل القانوني الذي يمنح الجيش سلطة الضبطية القضائية التي تتيح له القبض على
المدنيين .
وأظن أن هذه الطرح يظل بعيدا عن الحدوث بعد
التجربة المريرة للجيش في إدارة شؤون
البلاد لمدة (17) شهرا ، لكن في الوقت نفسه لا يعني أن الجيش ( بحكم المسؤولية الوطنية ) سيقف
طويلا مكتوف الأيدي وهو يرى تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية
والتي تنذر بإنهيار الدولة ...... وقد أعذر من حذر
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق