نشر في جريدة الواقع في 23/01/2013
-
الإتحاد الأوربي يضم (27) دولة اتحدت إرادتها السياسية في تكوين هذا
الإتحاد رغم الإختلافات المميزة لكل دولة عن الأخرى من حيث اللغة
والايدلوجيات السياسية والأنظمة الاقتصادية والعملة ، إلا أنها نجحت في
تجاوز كل هذه الإختلافات وغيرها من الفروق وتوحدت ، لتثبت للعالم أن
الإتحاد ممكن مع كل الإختلافات ، طالما كانت هناك رغبة صادقة وجادة في
تحقيقه ، لينتج عن هذا الإتحاد سوق أوربية موحدة ، وسياسات زراعية ودفاعية
مشتركة ، وعملة واحدة هي اليورو ، عادت بالنفع على شعوب دول الاتحاد .
في
منطقتنا العربية ماتت بذور الإتحادات العربية قبل أن ترى النور رغم
الإتفاق في الكثير من العادات والتقاليد واللغة والتاريخ المشترك وغيرهم ،
فقد فشل الإتحاد الثنائي بين مصر وسوريا في ستينيات القرن الماضي ،
والإتحاد الرباعي بين مصر واليمن والعراق وسوريا ، كما فشل من قبل إتحاد
القطرين مصر والسودان .
تأتي
قمة الرياض في دورتها الثالثة لتوقظ الأمل من جديد في قلوب كل العرب في
إمكانية تحقيق الوحدة العربية لصالح كل العرب ، خاصة وأن جدول أعمال القمة
يتضمن الكثير من الموضوعات الإقتصادية كالربط البري للسكك الحديدية ،
وزيادة الاستثمارات والتجارة البينية ، ومشروع الإتحاد الجمركي المقرر
تفعيله في عام 2015 م ، بالإضافة الى إتفاقية الإستثمار بالدول العربية
وإزالة العوائق التي تحد من نجاحها ، والمشروعات المشتركة بين الدول
العربية في مجالات الكهرباء والطيران والبنى التحتية ، ومنطقة التجارة
الحرة ، وغيرها من الموضوعات الإقتصادية الحيوية التي تشغل بال الشعب
العربي .
كما
تأتي هذه القمة في وقت لاتزال المنطقة العربية تشهد فيه الكثير من
التحديات التي كانت سببا في إنطلاق قطار الربيع العربي في بعض الدول ،
وتوقفه في البعض الآخر حاليا ، ولتظل هذه التحديات هي الوقود الذي يحرك
قطار الربيع العربي من دولة لأخرى كالفقر وزيادة معدلات البطالة ، وتراجع
معدلات التنمية ، وإنخفاض سقف الحريات وغيرهم .
نجح
الإتحاد الأوربي رغم الإختلافات ، وفشل الإتحاد العربي مع كل الإتفاقات
بسبب عجز الإرادة السياسية العربية عن تحقيق الحد الأدنى من التقارب في
وجهات النظر ، وحرصها على التمدد الى الخارج بالمشاركة في أحلاف ، أو ما
يسمى بالصداقات مع شرق العالم وغربه ، بديلا عن التحالفات العربية ، وعلى
حساب مصالح الشعوب ، وطلبا للحماية والدعم الأجنبي لتمكينها من الجلوس على
كراسي الحكم وقلوب شعوبها سنوات وسنوات .
فهل
تنجح قمة الرياض في غرس بذور الوحدة في الأرض العربية المتلهفة اليها ، أم
يظل الحلم العربي بالوحدة معزوفة موسيقية للموسيقار محمد عبد الوهاب
ومقاطع غنائية تصدح بها أصوات عبد الحليم ونجاة وشادية وغيرهم ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق