نشر في جريدة الواقع في 11/02/2013
- في الوقت الذي تعاني فيه مصر من أزمة سياسة حادة أغرقت
البلاد في بحر من الصراعات منذ
انتخاب الرئيس مرسي حتى الآن ، بالإضافة الى أزمة إقتصادية خانقة تكاد تعصف بما
تبقى من إلإستقرار في مصر ، وتهدد بإنزلاق مصر الى نفق مظلم لا يعلم الا الله كيفية
الخروج منه ،
مع ارتفاع معدلات البطالة وتراجع الإحتياطي النقدي الأجنبي الى أقل من (15) مليار
دولار وهو ما يهدد بكارثة أخرى ، وتفشي الفقر في المجتمع الذي يعيش (40% ) منه
تحت خط الفقر .
في
ظل هذا الوضع المتأزم يخرج علينا معالي
وزير البترول والثروة المعدنية المهندس أسامة كمال بمبادرته التاريخية التي
أعلنهــــــــا خلال حلقة النقاش الثالثة ( الطـــــــــــاقة في مصر الى
أين ؟ ) والتي عقدت على هامش مؤتمر جامعة فاروس والمنشورة بأهرام (3)
فبراير الماضي ، والمكونة من محاور
ثلاثة : يختص المحور الأول منها بإجراء خفض تدريجي لدعم البترول خلال (5)
سنوات
بنسبة (10% ) مقابل زيادة رواتب موظفي الدولة بنفس النسبة .
تناسى معاليه في مبادرته أن منتجات البترول
من السلع الإستراتيجية الهامة التي تدخل ضمن مكونات عناصر الإنتاج في كثير من السلع
والخدمات إن لم يكن معظمها ، وأن رفع الدعم عنها يعني زيادة أسعارها ، وأن أي تحريك بالزيادة في أسعارها
سيؤدي الى الزيادة الفورية في
أسعار السلع والخدمات بنسب قد تفوق نسب الزيادة في المنتجات البترولية ، وهو ما سيزيد من المعاناة التي يعانيها كل المصريين وليس فقط
موظفي الدولة .
كما تناسى معاليه ( في غمرة فرحته بمبادرته
التاريخية ) أن موظفي الدولة ليسوا هم فقط من يستخدم المنتجات البترولية ، وأن نسبتهم لاتزيد عن (10% ) من
مجموع الشعب المصري ، بما يعني أنه سيتم تعويض (10% ) فقط من الشعب بينما سيعاني (90% ) من جراء
تفعيل هذه المبادرة .
كما تناسى معاليه ( وهو في قلعته العالية ) أن
الشارع المصري لم يعد يحتمل المزيد من المعاناة ، وأن تفعيل هذه المبادرة في هذا الوقت من شأنه أن يشعل الشارع المصري
من جديد ويزيد من إحتقانه .
لقد آمل الكثيرون في تحسن الأحوال
المعيشية للمواطن المصري
على أيدي الرئيس محمد مرسي وفقا لما أعلنه في
برنامجه الانتخابي عن برنامج النهضة
، وصوت له الكثيرون من أجل حياة أفضل ، إلا أن الحديث عن برنامج النهضة بعد الفوز الرئاسي بدأ يتراجع يوما
بعد يوم الى أن إختفى
، كما تراجع معه الأمل في إصلاح إقتصادي حقيقي ينعكس أثره على الشارع المصري ، ويشعر به كل مواطن ،
لنظل نعيش أحلام اليقظة في ظل مبادرات تخرج من أبراج عاليه تضر أكثر مما تنفع .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق